top of page

مركز المحاكاة كرافد داعم للتطوّر المهني

سهاد أبو الهوى (مرشدة التطوّر المهني)

استطعنا منذ نعومة أظافرنا تعلّم الكتابة عن طريق محاكاة معلّمينا، وقبلها تعلّمنا الكلام بالتدرّب على محاكاة آبائنا، فماذا نعني بالمحاكاة؟

لغة: المحاكاة في القول أو الفعل، هي المماثلة والمشابهة والتقليد.

أما المحاكاة في التعليم: فهي "طريقة أو أسلوب تعليمي يستخدمه المعلّم عادة لتقريب الطلبة إلى العالم الواقعي الذي يصعب توفيره للمتعلّمين بسبب التكلفة المادية أو الموارد البشرية" (إستيتية وسرحان،2007). فالمحاكاة بذلك هي تقنية فاعلة للتعلّم أو تدريس تصوّر ما بوساطة تقليده أمام المتعلّمين أو استحضار شيء يشبهه. ولا ينظر إلى المحاكاة باعتبارها حافزًا فحسب، بل وسيلة قادرة على جعل المتعلّمين يتعلّمون بطريقه مشابهة للطريقة التي سيتعرّضون لها في حياتهم العملية الحقيقية (عبد الهادي، 2004).

لماذا نستخدم المحاكاة في التعلّم والتعليم؟

يتعلّم المتعلّمون بشكل أفضل من خلال تشكيل المفاهيم والتصوّرات من خلال التجربة، وإلى جانب المحاكاة، يمكنهم إنشاء أنظمة تمكّنهم من التفاعل والاستكشاف لكسب فهم أكبر للنظام. وإذا لم يفهم المتعلّمون النقاط، يمكنهم حينها الخوض بأنفسهم في التجارب على النظام ومراقبة النتائج. تتمتّع المحاكاة التعليمية على القدرة لإشراك الطالب في "التعلّم العميق" الذي يساهم في تيسير التفاهم بدلًا من "التعلّم السطحي" الذي يتطلّب الحفظ فقط. وتستخدم المحاكاة لتجربة أمور نظرية من الصعب تطبيقها على أرض الواقع.

فوائد المحاكاة للعملية التعليمية التعلّمية:

يتمتّع نمط المحاكاة التعليمية بفوائد كثيرة من حيث إثارة دافعية واهتمام المتعلّم والوقوف على كثير من المشاكل والتشجيع على البحث وتمثيل الأدوار لدى الطلاب (عيادات، 2004، 130). وللتعلّم عن طريق المحاكاة ميزتان مرتبطتان بالمحاولة والخطأ وهما: يلمس الشخص الذي يقوم بالمحاكاة الاستجابة الصحيحة، وبذلك يقلّل من سلوك المحاولة والخطأ؛ وأن مشاهدة القيام بسلوك ماهر، ولو نظريًا على الأقل، يعتبر تجربة أولى ناجحة (خالد، 2008، 41).


هناك ورشة مخصّصة من أجل المحاكاة، تجتمع وفقها فرقة لا يتجاوز عددها الـ 15 مشتركًا من مجال التربية والتعليم: معلّمون جدد ومتدرّبون، وطلاب أكاديميون، ومعلّمون، يتم استقبالهم من قبل موجّه يعمل على شرح قضية اختارها أعضاء الفرقة من أجل محاورتها ومناقشتها فيما بينهم. يُطلب من أحد المتطوّعين من الفرقة لتمثيل دور أحد شخصيات السيناريو ارتجاليًا أمام "ممثل" محترف يقوم باستفزازه حسب القضية المطروحة التي اختارتها المجموعة لمعالجتها.

يلتقي الممثل مع المتطوّع في أستوديو خاص لدقائق فقط لتمثيل الموقف الذي يقوم مصوّر محترف بتصويره وبثّه مباشرة أمام المجموعة.

بعد تصوير المشهد، ينقل المصوّر الشّريط لفرقة النقاش للتحاور وفق طرائق مختلفة بشأن آليات النّقاش بمجموعات أو كتمثيل تفاعلي مقابل الممثل.

يخرج المشتركون في نهاية كل ورشة بحلول، ويأخذون ما استنتجوه من خلال النقاش والحوار، المعتمدان أساسًا على طرح القضية الملحّة بواسطة: التمثيل، والحوار والتشديد على الاعتراف بالخطأ، أو لمس الخطأ الوارد، على أن نصبوا إلى تصحيحه.

لذلك، ارتأى مركز تطوير طواقم التربية والتعليم في شرق القدس المشاركة في ورشات في مركز المحاكاة، في كلية دافيد يلين وجامعة بار إيلان، تنطوي على فرص للمشاركة بفاعلية ضمن سيناريوهات تتعلّق بالسياقات التربوية والمدرسية.

تهدف هذه الورشات إلى مساعدة المعلّمين على إدارة الصراعات بشكل فعّال، وتنمية مهارات التواصل مع الآخرين (بناء علاقة قائمة على الثقة، والاستماع، والتعامل مع المعارضة، وإدارة الأزمات، وغير ذلك). يشارك في ورشات العمل ممثلون محترفون مدربون للعب الأدوار المهنية، مثل الطلاب وأولياء الأمور، بحسب مواضيع بنيت وفقًا لاحتياجات المشاركين.

تعقد ورشات عمل المحاكاة في مجموعات التعلّم الصغيرة في أستوديو متطوّر تشمل تصوير فيديو. بعد تجربة المحاكاة، تظهر نقاشات وردود أفعال أعضاء المجموعة والمرشدة والممثلين والموجّهة في أعقاب مشاهدة المحاكاة. تستمر مدة الورشة 4 ساعات، ويشارك في كل ورشة 12-15 مشاركًا (من العاملين في حقل التعليم) وتحسب كجزء من التطوّر المهني المدرسي.

فيما يلي نموذجان لمواقف (سيناريوهات) عُرضا خلال زيارات تمت من خلال مركز التطوير المهني في شرق القدس لمدرسة سلوان المختلطة ومديرها الأستاذ جهاد أبو خلف وما رافقها من فعاليات تطويرية، وعُرضا في مركز المحاكاة في جامعة بار إيلان:

بعد تقسيم المعلّمين المشاركين لمجموعتين، تم تناول موضوع الصعوبات التي تواجه المعلّمين ومناقشة طرق حلّها من خلال إجراء إثنان من المواقف التصويرية تحدثت عن المواقف التالية:

 موقف 1: طالبة تثير الازعاج داخل الصف، لديها قدرات رياضية، وشاركت في إحدى الماراثونات، جلست معها المعلّمة في معرض جلسة فردية:

قام المشتركون في نهاية الورشة باستنتاج حلول جماعية لآلية التعامل مع هذا الموقف وتوصلوا إلى أنَّ عليهم:

أ- الحديث بصوت هادئ مع الطالبة، والحفاظ على الهدوء في الجلسة.

ب- طرح أسئلة حول سبب قيامها بالسلوك الخاطئ والاعتراف بالخطأ وتحديده.

ج- التعرّض لموضوع التربية الرياضية كنوع من التعزيز.

موقف 2: حضور ولي أمر طالب يُظهر جوانب عنف في تصرفاته مع زملائه، ويخاطب المعلّمة بأسلوب مستفز، وهنا أجمع الفريق من خلال النقاش والحوار بأنَّ على المعلّمة اعتماد ما يلي:

أ- الحفاظ على هدوئها؛

ب- الاستماع لولي الأمر ومحاولة التعرّف على سبب تصرّفه؛

ج- إجراء حوار داعم مع الأب من أجل مناقشة مشكلة ابنه.

مخرجات زيارة مركز المحاكاة من وجهة نظر المعلّمين:

إنَّ وجود المعلّمين ضمن سياقات تربوية قد ساعدهم على اكتساب تغذية راجعة سريعة لنشاطاتهم التربوية لأنهم يتعرّضون لتجارب حية، يتفاعلون ويتشاركون من خلالها بشكل جماعي، مما يساعدهم على إدارة الصراعات وحل الأزمات في مدارسهم بشكل فعّال.

bottom of page