top of page

التعلّم عن بعد منصة لاستدامة التعليم

مي بغدادي (مرشدة رياضيات في المركز)

ظهرت أساليب التعلّم والتعليم عن بُعد لمواجهة الزيادة الهائلة في حجم المعارف الإنسانية، والتطوّر العلمي وتطور تكنولوجيا الاتصال الحديثة، ولتوفير فرص التعلّم لجمهور كبير من الراغبين في التعلّم والذين لا يستطيعون التفرّغ الكامل للالتحاق بالتعليم النظامي. أرجع الباحثان طوني كاي وغريفيل رومبيل (1991) انتشار التعلّم عن بُعد إلى ثلاثة عوامل أساسية هي: أولًا، زيادة الطلب على هذا النوع من التعليم. ثانيًا، الحاجة إلى تخفيض التكاليف الاقتصادية للتعلّم، فهو لا يحتاج لعدد كبير من الموظفين ويحتاج لتجهيزات تربوية أقل من التعليم الجامعي التقليدي. ثالثًا، غزو تكنولوجيا وسائل الاتصال والإعلام الحديثة لشتى مجالات الحياة، بما فيها التربية والتعليم، والتي أمكن من خلالها الوصول إلى شرائح اجتماعية عديدة لم تكن لتستطيع الدراسة بالنمط التقليدي المألوف.

اختلف الباحثون في تحديد تعريف التعلّم عن بُعد، فمنهم من أطلق عليه تعبير Distance Learning (التعلّم عن بُعد)، ومنهم من سمّاه Distance Teaching  (التدريس عن بُعد)، ومنهم من أطلق عليه تعبير Distance Education  (التربية عن بُعد) (Shery, 2001; Tony Bates, 2005).

يشير حامد عمّار (2006) إلى ملاحظة حول التسمية الأجنبية لتعبير "التعليم عن بُعد"، فيصبح في ترجمته العربية التعلّم عن بُعد أو التعلّم من بُعد، وأنَّ هذا البعد، كما يظهر في اللغة الإنجليزية، ليس صفة لنوع التعليم، بل يتضمن جميع شروط ومتطلبات التعليم المألوف الذي يتم في اللقاء العيني أو التفاعلي بين الطالب والمعلّم، والفرق بينهما هو أنَّ التعلّم عن بعد لا يتم في مكان أو وقت معين وأنَّ مصدره بعيدًا عن المتعلّم.

أما بشأن تعريف التعلّم عن بُعد، فيعتبر تعريف هولمبرج (Holmberg)، الذي اقترحه عام 1977، من أشهر التعريفات وأبسطها وأكثرها تداولًا في دوريات التعلّم عن بُعد، إذ يشير إلى أنه "مصطلح يشمل كافة أساليب الدراسة، وكل المراحل التعليمية التي لا تتمتّع بالإشراف المباشر والمستمر من قبل معلّمين، يحضرون مع طلابهم داخل قاعات الدراسة التقليدية، ولكن تخضع عملية التعلّم لتخطيط وتنظيم وتوجيه من قبل مؤسّسة تعليمية ومعلّمين".

تزامنًا مع انتشار فايروس كورونا في العالم وفي بلادنا، لجأ مركز تطوير طواقم التربية والتعليم – شرق القدس - إلى استمرار عملية التعلّم مع المستكملين باستخدام آلية التعلّم عن بُعد.

يعتبر استكمال الرياضيات "العنقود الثاني" مثالًا يوضح سيرورة التعلّم عن بُعد، وشمل المضامين التالية:

مواضيع مختارة في الرياضيات لصفوف الثالث والرابع، ومواضيع مركزية في الرياضيات لصفوف الخامس والسادس، والتعليم المتباين للرياضيات.

عقدت هذه الاستكمالات بالطرق التالية: تزامني باستخدام برنامج Zoom ، وغير تزامني باستخدام Moodle.

مما يميز هذه الاستكمالات هو المشاركة الفعّالة للمستكملين، والحوار العميق بين المستكملين الذي يزيد من موارد المعرفة لدى المعلّمين، والتزام المعلّمين بالحضور المستمر، وذلك لأنَّ مضامين الاستكمال تتناسب مع احتياجات المعلّمين وطلابهم.

استند المحاضرون في التعلّم عن بُعد إلى لقاءات تعتمد المنهج التفاعلي مع المستكملين، حيث كان هناك العديد من الفعاليات والألعاب التربوية التي تثري العملية التعليمية وتزيد من تفاعل وجذب انتباه المستكملين.

بالرغم من أجواء التفاعل والنجاحات التي سادت بالاستكمال، إلّا أنَّ هنالك صعوبات وتحديات واجهت المستكملين، مثل صعوبة استخدام برامج وتطبيقات محوسبة، مثل Zoom  وبرنامج Moodle؛ إضافة إلى مواجهة ضعف شبكة الإنترنت في مناطق سكن المستكملين؛ وشعور المستكملين بالضغط بسبب كثرة المهام الملقاة على عاتقهم في التعلّم عن بُعد؛ ومواجهة بعض المستكملين صعوبة لتهيئة أجواء تعليمية داخل البيت.

انعكست المشاركة الفعّالة وإيجابيات عمل اللقاء عن بُعد في آراء المستكملين الذين أكّدوا على الإثراء والدافعية في عملية التعلّم عن بُعد. فقد أفادت المعلّمة مها متولي، من مدرسة الثوري الأساسية للبنات، بنجاح التعلّم عن بُعد، وقالت إنَّ كلمة "عناقيد" جذبتها، وتوقعت من الاسم أن يكون الاستكمال متشعّبًا لعدة مواضيع ومهارات متنوّعة، وأشادت بدور المحاضرة الأستاذة ألحان خوري التي مرّرت الاستكمال كما هو مخطط له مسبقًا، وأضافت بأنَّ اللقاءات التي مرّرت عن بُعد كانت فعّالة ومثمرة تتناسب مضامينها مع احتياجات المستكملين وطلابهم".

أكّدت إحدى المشاركات من مدرسة سلوان الأساسية للبنات، وهي المعلّمة جمانة عبده، بشأن استكمال العنقود الثاني عن بُعد، على أنه كشفها على مواقع إلكترونية أضافت لها الكثير من المهارات والمواضيع المتنوعة والشاملة لصفوف المرحلة الابتدائية، وأضافت أنَّ أكثر ما يميز التعلّم عن بُعد المرونة في الوقت، وبأنَّ جو الاستكمال المفعم بالمتعة والتنوّع المعرفي.

أما بالنسبة لرأي محاضرة استكمال العنقود الثاني ألحان خوري في التعلّم عن بُعد:

"يعتبر استعمال Moodle  مهمًّا جدًا لترتيب المواد وتنظيمها للمستكملين، بحيث يمكنهم حفظ الملفات المرفقة بنفس الترتيب ليتمكنوا من استخدامها بالمستقبل. كذلك تمنحُ لقاءات Moodle  غير المتزامنة المستكمل مسؤولية التعلّم الذاتي وصقل مهارته كمعلّم، بحيث يمكنه بناء منتج ملائم للمحتويات، فهو يعتبر برأيها جزءًا مهمًّا جدًّا من الاستكمال لأنه يمكن للمحاضر فحص مدى استفادة المعلّمين من المحتويات التي يقدمها لهم.

أما برنامج Zoom  فهو مهم جدًّا حتى في الظروف الطبيعية، بحيث يمكن من خلاله تطوير مهارات المعلّمين التكنولوجية، ليتمكنوا من استعمالها في حالات الطوارئ مع تلاميذهم. وأشارت إلى أنَّ طريقة عرض المواد والمحتويات يجب أن تلائم طريقة التعليم، وهنالك عدة مواضيع يمكن تمريرها من خلال Zoom  بطريقة فعّالة جدًّا ومفيدة. وأشارت أيضًا إلى أنَّ استعمالZoom  بالاستكمالات كان ناجحًا جدًّا، وظهر ذلك من خلال تجاوب مجموعة المعلّمين، بحيث كان لهم دور في المناقشة الفعّالة، وطرح الأسئلة لكي يحصلوا على أكبر فائدة ممكنة، فأضافوا للقاء متعة في التعليم".

bottom of page